7:30 صباحاً
أصحو عى صوت المُنبه يوقظني هامساً:
الصباح يشتاقكِ يا شهرزاد, يشتاق إلى رحيق زهورٍ تنثرينها هنا وهناك في مملكتك الصغيرة..
يشتاق إلى عبق بخوركِ وعطوركِ ..
أنهض .. أخضبُ وجهي بماء الزهر .. أجدني في أحضان مطبخي السمرقندي الصغير, أقطف أزهى وريقات النعناع.. ألوكها بأسناني ..أنتشي برائحتها, أعطرُ بها أنفاسي الولهى لكل ما هو عاطر/ مُزهر/ جميل ..
أشعر أنني أجمل إمرأةً يحتفي بها الصباح, ويعزف على صولجان روحها أغانٍ وأمنيات .
9:00 صباحاً
أعذب قلب في العالم : قلب ملاكي .. " ماما جنان", في باطنها تسكن طفله غضّه خجلى تُداري دوماً جدائلها من رزاد المطر, وتبتسم على استحياء وكأن الدنيا حُيزت في يديها كلما ربّت على كتفيها عابر على قارعة الطريق, تُحب الجميع بقلبها الأخضر اليانع, وتغرس في جميع النفوس من حولها زهر ياسمين طريّ. عندما أناطرها تتجلى على محياها آيات حكمةٍ وهيبة, وعندما أنغمسُ في عينيها الوسيعتين أتراقص على وقع ترانيم حبٍ وحنان لم أسمعها -ولن أسمعها- في أي نوتة موسيقية حالمة صاغها أعظم موسيقي التاريخ .
هه ! أُعزي روح بيتهوفن وموزارت وفيفالدي – الذين أعشق سمفونياتهم الكلاسيكيه- على عجزهم عن الإتيان بموسيقى كموسيقى عينيها العذبتين.
11:00 صباحاً
لا أعلم لما تنساب روح أمي في روحي كل صباح أقضيه لوحدي في مملكتي , أستحضرُ تفاصيلها الصغيرة وأنا أعتني بعشي الصغير, في كل زاوية تتجلى لي بشيءٍ, على هذه الزاويه تبدو لي ابتسامتها الدافئة, وفي تلك الزاوية ينبضُ قلبها الدافق حباً, وهناك على مقربة من المكتبة أستحضر توصياتها الحكيمة التي لا تفتأ عن سكبها في أذني برفق كل ليلة -والتي تختصر حكم وعبر ودروس أعظم من تلك التي أقتطفها من كتبي-, أما عندما أرفلُ في مطبخي, والدموع تغسل وجنتي الطريتين إثر تقطيع ثمرات البصل البغيضه أشتم رائحة أطباقها الشهيّه التي تعدها لنا بكل حب لإشباع عصافير بطوننا المٌشاكسة, التي لا تهدأ حتى نتذوق شيئاً من يديها الرقيقتين.
12:00 ظهراً
على مقربةٍ من غسالة الثياب, وأنا أضع قطعةً تلو الأخرى في أحشائها , أشتم رائحتها في ثيابي العالقة بجسدي ليلة البارحه, أنغمس في عطرها الفواح الذي يأخذني بعيداً بعيداً إلى رائحة رسائل عشقها الطاهر لوالدي في بداية زواجهما والتي أثمرت عن أحب صبيّه شقيّه الى قلبيهما " شهرزاد " .
3:00 عصراً
أُحضرُ مائدة الغداء بتفنن وفرح, أصيغها بأناملي كلوحةٍ فنية مُدهشة, هه ! لا أدري لما أشعر بالتحدي وأنا أعدها !,
" التحدي مع من يا شهرزاد "..
قهقه, أتحدى بالطبع أعظم فناني فلورنسا الذين صاغوا لوحاتهم ببراعة, وجعلوها شاهداً تاريخياً على سيل إبداعهم الجارف .
" وهل تستطيعي مُقارعه فنهم ؟ "
كيف لا! وأمي من علمتني فنون سكب حبي على كل شيءٍ من حولي ليبدو أجمل من أجمل لوحات العالم كله في ناظري من أحب .
6:00 مساءً
أنتصبُ أمام المرآة, إمرأة بكامل ألقها, أرتدي أقراطي اللؤلؤيه التي رصّعت أمي أذني بها في يوم ميلادي الأول قبل 22 ربيعاً مُزهراً, تنبثق من ثناياها رائحة يديها المُخضبتين بالحناء وهي تُلبسني إياها وعيوني تبرق فرحاً ومرحا بهما .
10:00 مساءً
على عتبة غرفة نومي الخاصة تتداعى لي لمساتها الحانية على رأسي كل ليلة وهي تُرتل على مسامعي بصوتها الرخيم قرآنا وأذكارا, وتقرأ لي بشغف حكاية ما قبل النوم تُشبع بها حواسي الفضولية لاكتشاف العالم من حولي, أتذكر تماماً رائحة صدرها الفسيح الذي أغفو على نبضاته كل ليلة, رائحة خضراء تأخذني بعيداً إلى جنانٍ عاطرة مفروشة بزهور من الفصول الأربعة, زهور نيسان, زهور تشرين .. زهور حزيران .
12:00 بعد منتصف الليل
تدق ساعة سندريلا- تلك التي حكت لي عنها في ليالي توهجها أماً حانيّه- , أُرتدي بيجامتي الحريريه .. أضع بضع قطرات من عطرها .. أندس في فراشي , أتلمس الزوايا بحثاً عن نورِ قربها .. بحثاً عن موسيقى عيونها .. بحثاً عن لمسات أناملها .. بحثاً عن عبير أنفاسها وراااااااائحة صدرها ..
ماما جنان ..
لم ينقطع حبل سري من أحشائك, و إني لأشتمُ رائحتك في كل زوايا وثنايا مملكتي الصغيرة - التي ولجتها حديثاً -, لفرط تعلقي بكِ .
فماذا بوسع ابنتك الصغيرة أن تصنع أمام سلطانٍ جائر اسمه " الشوق " ؟
:
:
:
لا تجيبي على سؤالي هذا ’ حتى أنتهي من إعداد الغداء
وأثناء ذلك أتمنى ..
1. ترفعي يديك لرب السماء, وتدعي لي أن تسير طبختي على ما يُرام دون إصاباتٍ تُذكر, ودون حبيبات ملحٍ زائدة:p
2. تستمعي إلى هذه المقطوعه الفيروزيّه, فهي إهداء لرائحتك العاطرة

هناك 7 تعليقات:
:(
لماذا توجد دوماً خواتيم ونهايات لكلماتكِ ؟
عندما أقرأكِ , انغمس في عالمٍ من الطهر , فمابالكِ أن كنتِ تكتبين عن ماما جنان , ذاك القلب المتسع الرحيب ..
سارّة , دمتِ أميرةً في قلب مملكتكِ , تعكسين في زواياها صورة ماما جنان , وجمال عيّنيّها وروحها الطيّبة
:*
دائمًا ما تصمت كل الأحرف حين ينتهي حديثكِ الرائع ويحيطني صمتٌ مهيب يجعلني أفكر فيما قرأت دومًا دون أن تسعفني كلماتي على الرد أو المجاراة..
دامت أمكِ نقية حبيبة مخلصة ودمتِ مطيعة بارّة ودودة وهذا الشبل من ذاك الأسد ;)
لكلماتكِ وقعٌ لا يمكن تجاوزه ;*
اكتملت اللوحة الفنية بجمال أغنية فيروز ..
ولكم باك يا شهرزاد ..
اعترف أني لم أقرأ البوست فقط .. بل عشته و كأنه مشهد واقعي أراها أمامي ..
دمت مبدعة على هذا التصوير الفني الرائع ..
طاب فنُّك =)
هند ..
الصمتُ في حرم الجمال جمالُ :)
ألفا ..
دمتِ بطفولة قلبٍ تتلمس الجمال أينما حلّ وارتحل :*
شمول ..
ازداد فصر شهرزاد نوراً وبهاءً بحضوركِ
؛)
ابن الكويت ..
الفن = فيروز :)
السنبلة ..
هذا ما وددت إيصاله
تجسيد مشاعري كلوحة فنية باهرة :)
فتوش ..
طاب حضوركم الجميل :*
إرسال تعليق